«عم حودة» أقدم صنايعي «كنافة» في الإسكندرية: «أحب أخدم العجين» (صور) – رمضان 2021
«مياه ودقيق وربنا عليه التساهيل» هكذا هو شعار محمود صالح، 62 سنة، الشهير بـ«عم حودة» أحد أقدم «كنافنجي» في مدينة الإسكندرية، والذي يستمر في تلك المهنة على مدار 53 سنة، محافظا على عاداته وتقاليده في صناعة الكنافة اليدوية، ملتزماً بطريقة عجن تقليدية تعتمد على «خدمة العجين» دون الاستعانة بالملح أو المواد الكيماوية أو غيرها من المحسنات، ما يجعله مميزا حتى الآن ويشهد إقبالاً كبيراً خلال شهر رمضان.
عم حودة الرجل الذي يقع محل البقالة البسيط الخاص به بمنطقة سيدي بشر شرق الإسكندرية، اكتسب شهرته من مهارته في صناعة الكنافة والقطايف على مدار أكثر من 5 عقود من الزمن، منذ أن كان صبيا يبلغ 9 أعوام فقط، ليصبح أحد شيوخ تلك الصنعة التي أزاحت بعض كبارها بسبب الاستعانة بالماكينات الآلية في صناعة العجين والتسوية.
«كنافة المكن مالهاش طعم ومضرة بالصحة على المدى البعيد لأن اللي بيعملوها بيضيفوا كيماويات في العجين عشان يقدر يعدي من سن الماكينة الرفيعة وعشان كدا أنا رفضت أجيب ماكينة ومستمر في صنعتي»، هكذا كان رأي «عم حودة» في عدم الاستعانة بالماكينات الآلية والاستمرار على العمل اليدوي.
وأضاف حودة لـ«الوطن»، أن بصمته في الكنافة والقطايف تظهر من خلال طريقة عجنه الخاصة التي تعتمد على ما وصفها بمصطلح «خدمة العجين» والتي تحوله إلى عجين مناسب الكنافة بمجرد الدقيق والمياه فقط، حيث يقوم ب«لت وعجن» الدقيق حتى يظهر له خطًا يشبه عروق جسد الإنسان، حينها يدرك أن عجينته أصبحت جاهزة للسكب على النيران.
لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل أن له بصمة في القطايف أيضاً، حيث يعمل على عجينتها بالدقيق والمياه والسكر، دون الاستعانة بخميرة: «بستخدم عجين اليوم اللي قابله مع العجينة الجديدة عشان تبقى خميرة منها فيها، وبحط لها سكر عشان تدي اللون البني بعد التسوية، وبرفض أي إضافات من الحاجات اللي طالعة جديد دي».
ويقدم حودة أحجام مختلفة من القطايف، لتتناسب طريقة التصنيع الخاصة بزبائنه: «فيه العصافيري والوسط والكبيرة، وكل حاجة منهم ليها طريقة في عملها واكلتها، والزبون في رمضان يجي يحجز طلبه واكتبه في كراسة عندي ويرجع يستلم بضاعته».
كل هذا يجعل الإقبال كبيراً عليه في شهر رمضان، حيث يصل الأمر إلى الوقوف بالحجز، بل وتدوين الأسماء في كراسة لتوفير الطلبات اللازمة: «في رمضان بنام ساعتين من 7 لـ9 الصبح، وبيكون قصاد الدكان جنب البضاعة، وأقوم أكمل شغل عشان أقدر أغطي طلبات الزبائن».
على الرغم من ذلك يرفض حودة الاستعانة بأي عامل معه: «لو جبت عامل هغلي تمن الكيلو والناس مش ناقصة»، هذا الأمر يزيد من الضغوط على ذلك الرجل الستيني، ومع ذلك يؤكد أنه يعمل ذلك العمل بسعادة دون تعب أو كلل: «أنا من الناس اللي اتعب لو ريحت في البيت لكن الشغل يريحني».
ويبلغ قيمة كيلو الكنافة أو القطايف لديه 15 جنيه، بينما يوفر كيس «حشو» يحوي «جوز هند ومكسرات وزبيب» قيمته 5 جنيه، وذلك لرفع العناء على غير القادرين لشراء تلك الأشياء: «ناس بتيجي تاخد ب5 جنيه كنافة أو قطايف، هل هيروحوا يشتروا ب20 جنيه حشو؟ أكيد لأ، عشان كدا عملت لهم الأكياس دي عشان أرفع عنهم الحرج».
يأمل أقدم كنافنجي بالإسكندرية العمل في تلك المهنة حتى آخر يوم في عمره، فيما يأمل ألا ترتفع الأسعار مجدداً حتى يستمر المواطنين في شراء الكنافة والقطايف بأكبر كميات ممكنة، مختتما كلامه بمقارنة سعر الكنافة منذ بداية عمله عام 1968 بسعرها الحالي: «بدأته بـ3 تعريفة ودلوقتي وصل 15 جنيه ومش عارفين هيوصل لفين تاني، بس يلا المهم الناس تأكل وتنبسط».