متطوعون وسط الجرحى: سعداء بالمهمة الشاقة في غزة – مصر
حبهم لوطنهم دفعهم للإسهام فى التخفيف من معاناة أبناء شعبهم فى معركتهم ضد الاحتلال، فاختاروا طريق مداواة الجرحى، وقضوا سنوات طويلة بين المصابين، سعداء بالمهمة الشاقة.
«طارق»: قذائف الاحتلال مزّقت أجساد الأطفال
طارق رجب، شاب فى العشرينات من عمره، كان شاهداً على العدوان الأخير الذى شنّه الاحتلال على قطاع غزة وعدد من المدن الفلسطينية، فقرّر التطوع فى منظمة الهلال الأحمر الفلسطينى، للإسهام فى مساعدة الجرحى والمصابين، وانتشال الجثث من تحت الأنقاض والمساعدة فى دفنها.
طوال فترة الغارات التى شنّتها إسرائيل على المدنيين، كان «طارق»، وسط الجرحى والمصابين، شاهداً على الكثير من الأوقات الصعبة التى لم تبرح مخيلته أبداً، كان أصعبها حين توجّه ثانى أيام عيد الفطر رفقة الفريق الطبى لإحدى المناطق فى القطاع لمساعدة بعض المصابين، بعضهم استُشهد بصورة بشعة: «شاهدت طفلاً جسده ممزقاً، وصورته لم تفارق عقلى لعدة أيام».
بداية «طارق»، مع التطوع كمسعف كانت قبل 13 عاماً، حيث دفعته غيرته على وطنه، ورغبته فى مساعدة شعبه، للبحث عن وسيلة لمساعدتهم، واهتدى سبيله إلى الهلال الأحمر، حينها كان فى الخامسة عشرة من عمره، وكانت الحرب على غزة فى عام 2008». الشاب الحاصل على شهادة الخدمة الاجتماعية، لم يقتصر عمله فقط على تقديم المساعدة للمصابين والجرحى ونقلهم إلى المستشفيات، وإنما فى بعض الأوقات يسهم فى نقل النازحين من الأماكن التى تشن عليها قوات الاحتلال غارات عسكرية إلى أخرى أكثر أمناً: «فى مثل تلك المهمات نُنسّق عملية انتقال المواطنين إلى أماكن أخرى، والتى فى الغالب تكون مدارس، ونوفر لهم سُبل الإقامة من أسرّة، وطعام وغيرهما، حتى تهدأ الأوضاع».
«مها»: رضيعة لفظت أنفاسها بين يدي الطبيب
مها برهوم، فلسطينية أخرى متطوعة كممرضة فى أحد المستشفيات الحكومية فى مدينة غزة، تعمل لإسعاف المصابين والمرضى، تتحرّك بخطوات متسارعة بين أسرّة المرضى لمساعدتهم، وسط أصوات القذائف التى يطلقها الاحتلال، وكذلك تزداد أعداد الجرحى الذى ينقلون إلى المستشفى، ويحتاجون إلى عناية فائقة للحفاظ على أرواحهم.
منذ بدأ الاحتلال عملياته العسكرية ضد المدنيين فى قطاع غزة، فى العاشر من مايو الماضى، والتى حرم بها الشعب الفلسطينى من فرحة عيد الفطر، زاد عدد ساعات عمل الممرضة العشرينية فى المستشفى، حيث أضحت هناك حاجة لكل فرد للمساهمة فى علاج المصابين الذين وصل عددهم خلال سبعة أيام فقط إلى 1235 شخصاً: «المستشفى امتلأ عن آخره، والمصابون أصبحوا بحاجة إلى علاج سريع ومكثف».
الأيام الماضية شهدت فيها الممرضة الشابة الكثير من المواقف القاسية بين المصابين والجرحى، ولا تزال تذكر تلك الأم التى قدمت إلى المستشفى فى أول أيام عيد الفطر بعد انتشالها من تحت الأنقاض، وكانت فى حالة إغماء شديد: «لم تصدق خبر وفاة ابنها الوحيد، وكانت تجرى بالمستشفى، وهى تبحث عنه بين الأطفال، ودخلت فى حالة انهيار».
وتلك طفلة رضيعة لم تكمل عامها الأول، توفيت بين يدى «مها»، التى حاولت هى والطبيب إنعاش قلبها بكل الطرق، إلا أن المحاولات لم تفلح: «استُشهدت بين يدى، حاولنا إنعاش قلبها لكن قضاء الله نفذ، وظللت أبكى عليها عدة أيام، فكانت كالملائكة، وجهها كان مبتسماً».